أيهم الشيخ
الملف التعليمي شمال غربي سوريا بات من أعقد الملفات التي تشهدها المنطقة، وعلى الرغم من التقدم الذي حُقق خلال السنوات الماضية في بعض الجوانب، إلا أن النقص والقصور لحق الكثير من الجوانب التلعيمية الأخرى وألقى بظلاله على المنطقة بأكلمها، ففضلاً عن دمار عشرات المدارس، كما بات كثير من المعلمين خارج المدرسة سعياً وراء لقمة العيش بعد توقف الدعم المالي وانخفاضه، حيث أصبح آلاف الطلاب بلا تعليم والجهل يحف مستقبلهم والأزمة تزداد وتتسع.
ولعل من أبرز الأزمات وأشدها وقعاً على العملية التعليمة بعد توقف الرواتب كانت الأزمة الإدارية التي تنقسم تبعاً لسيطرة الحكومات والفصائل في المنطقة، وترتبط إدارياً في ثلاث جهات تزيد من تعقيد المشهد وتعمل على تأزيمه وسط غياب الاعتراف الرسمي تارة، وعدم توافق المناهج مع إمكانية الطلاب تارة أخرى.
وفي محافظة إدلب تحصل مديرية التربية والتعليم على دعم جزئيّ يشمل قسم “مناهل”، وهي تختص بطلاب المراحل الابتدائية، في حين أن المرحلة الإعدادية والثانوية لا يشملهما الدعم، ويعمل المدرسون بشكل تطوعيّ منذ عدة سنوات تحت إشراف وإدارة حكومة الإنقاذ العاملة في المحافظة.
هيكلية إدارية معقدة
ومن حيث الهيكلية الإدارية في محافظة إدلب، فإن العملية التعليمية تتبع لأكثر من هيكلية أولها الهيكلية الإدارية التنفيذية وهي حكومة الإنقاذ، من خلال وزارة التعليم التي تشرف على المدارس والامتحانات وسير العملية التعليمية بشكل كامل، فيما تدعم بعض المنظمات الإنسانية المهتمة بالتعليم المدارس، وذلك بالتعاون مع مدير التربية والتعليم.
ولكن بنفس الوقت فإن تبعية شهادات الطلاب في محافظة إدلب، يتم تصديقها من قبل وزارة التعليم في الحكومة السورية المؤقتة ليصبح التعليم مرتبطاً بحكومتي الإنقاذ التي تعمل في إدلب، والحكومة المؤقتة التي تعمل في مناطق ريف حلب الشمالي.
وخلال وقت سابق كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن تفاصيل تخفيضات الإنفاق البريطاني البالغ 4.2 مليار جنيه إسترليني في آذار لعام 2021، بما في ذلك تخفيضات في برامج التعليم والصحة وصحة الأم واللاجئين الفلسطينيين.
واعتبرت أن سورية نالت حصة كبيرة من التخفيضات، على الرغم من أن ملايين الأشخاص لا يزالون يعيشون في مخيمات اللاجئين والنازحين بعد أكثر من 10 سنوات من بَدْء الصراع، حيث خفضت المملكة المتحدة إجمالي إنفاقها على المساعدات الخارجية من التزامها البالغ 0.7% من الدخل القومي الإجمالي إلى 0.5%.
بدورها، أكدت منظمة “الإغاثة السورية Syria Relief” أن قرار الحكومة البريطانية بخفض ميزانية المساعدات الخارجية، سينتج عنه انخفاض عدد المدارس التي تتلقى الدعم منها، من 153 إلى 16 مدرسة خلال مدة زمنية تقلّ عن عام، وحذرت المنظمة أنه مع حلول آب 2022، من الممكن ألا يبقى أية مدرسة عاملة شمال سورية، في حال عدم توفُّر تمويل بديل.
وأشارت إلى أنه في حال تعثُّر الحصول على أموال لسدّ الفجوات التي خلّفتها حكومة المملكة المتحدة والمانحون الآخرون، فإن جيلاً كاملاً من الأطفال شمال سورية سيصبح خارج المدارس، وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع ملحوظ في عمالة الأطفال، وحالات الزواج المبكر.
كما أكدت أن التخفيض سيؤدي إلى توقُّف الدعم عن أكثر من 133 مدرسة، وأن ما يزيد عن 40 ألف طفل سوري سيتركون مقاعدهم، في ظل إعلان بريطانيا تخفيض مساعدتها الإنسانية.
ولفتت منظمة “الإغاثة السورية” إلى أن هناك أكثر من 2.4 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس في سورية. وما لم يرفع مستوى الدعم بشكل كبير، فسيكون عدد أكبر من هؤلاء الطلاب معرَّضين لخطر التسرب.
وحول تَرْك المعلمين لمدارسهم وبَحْثهم عن مِهَن أخرى قال “محمود الباشا” مدير التربية والتعليم في إدلب: “إن هناك مَن ترك التدريس بسبب التطوع وقلة المِنَح المقدمة، وهناك وعود من وزارة التربية بالحكومة المؤقتة لاستجلاب الدعم عن طريق المنظمات”.
وأضاف في حديثه لموقع “هيومن نيوز”: “بالنسبة لتسرُّب الطلاب حالياً لا يوجد تسرُّب إنما انقطاع طويل الأمد، والعلاج يحتاج إلى تضافُر كافة الجهود من المجتمع المدني بالمنطقة، وزيادة عدد المدارس ودعمها بالرواتب والتجهيزات اللوجستية، أما بالنسبة للخطط المستقبلية فستعتمد على تكثيف الجهود على كافة الأصعدة لدعم التعليم دولياً”.
فريق “منسقو استجابة سورية” أشار في تقرير إلى أن عدد الأطفال المتسربين من التعليم بلغ 2.65 مليون طفل، فيما أصبح عدد النازحين السوريين القاطنين في المخيمات ومراكز الإيواء 1.9 مليون نازح.
“عبد الحفيظ عبد الجواد” مدير المناهج التربوية في حكومة الإنقاذ قال: “إن العملية التعليمية تسير بشكل جيد جداً بمتابعة من الوزارة ومديرياتها المركزية والفرعية، عن طريق وضع خطة دراسية لتغطية جوانب المنهاج وتحسين الأداء التعليمي وتحقيق نواتج التعلم”.
كما أضاف في حديثه لموقع “هيومن نيوز” أنه: “يتم تعيين الكوادر عَبْر مسابقة مركزية تعلن عنها الوزارة بشروط معينة وضِمن معايير محددة لانتقاء الكفاءات، ويتم إعداد المناهج من قِبل موجهين مختصين ومدرسين ذوي خبرة طويلة في المنهاج”.
ولفت في حديثه إلى أن “هناك 1257مدرسة في المناطق المحررة، وأعداد الطلبة بالشهادة الثانوية 16638 بكافة الأفرع، والتاسع 25514 طالب/ة أساسي وشرعي” .
ونوَّه (عبد الجواد) بأن هناك آلية لإجراء الامتحانات، كما هي الدورة الأولى لتنظيم غرفة العمليات واتّباع الدقة والسرية وإيصال الأسئلة وتوزيع مندوبي الوزارة على المراكز الامتحانية والإشراف الميداني بشكل يومي، وأشار خلال حديثه إلى أن وزارة التربية والتعليم تعمل مع شركائها على تأمين رواتب المعلمين والإداريين رغم شُحّ الموارد.
“سالم العبد الله” وهو أستاذ في إحدى المدارس التي تعمل بشكل تطوعيّ شمال إدلب، أكد لهيومن نيوز أنه بقي يعمل بشكل يومي في مدرسته بدون أجر لمدة ثلاث سنوات، على أمل أن يحصل على عقد لمدة 7 أشهر براتب 120 دولاراً من قِبل مديرية التربية والتعليم وهو يُعتبر أجراً رمزياً.
ويشكو (العبد الله) من إهمال ملف التعليم ومحاربته، معتبراً أن الأموال تُصرف بشكل باهظ على الدعم النفسي دون فائدة، بينما يبقى المعلمون بدون أجر.
تراجُع العملية التعليمية دفع أهالي المحافظة للبحث عن بدائل مناسبة تساهم في مواصلة أبنائهم للتعلم، ولا سيما الذين خسروا كثيراً من مراحلهم الدراسية بسبب النزوح والتهجير والانقطاع عن التعليم لأكثر من سنة، ما ساهم في توسُّع القطاع الخاص وانتشار الكثير من المدارس في المنطقة.
وشهدت محافظة إدلب خلال الأشهر الأخيرة الماضية افتتاح عشرات المدارس الخاصة، وذلك بسبب تراجُع العملية التعليمية في المدارس التابعة للسلطات المحلية أو المدعومة من قِبل الهيئات والمنظمات الإغاثية، سيما ما شهدته تلك المدارس من انقطاع في الدعم أدى في نهاية المطاف لإغلاق كثير من تلك المدارس.
ولكن المدارس الخاصة يبدو أنها لم تكن البديل المناسب للكثير من الأهالي، حيث إن أقساطها الشهرية تمنع الفقراء وأصحاب الدخل المحدود من إرسال أبنائهم، كما أن عشرات العوائل في المنطقة لم تَعُدْ قادرة على تدبُّر أمورها المعيشية حتى تتمكن من إرسال أبنائها إلى مدارس خاصة.
تكاليف باهظة
“محمد أبو عمر” وهو نازح في منطقة “سرمدا” يشكو من ارتفاع أقساط التعليم في المدارس الخاصة، ولدى أبو عمر أربعة أطفال بسنّ التعليم، فهو بحاجة إلى 100 دولار شهرياً إذا أراد تسجيل أولاده في مدرسة خاصة، أي ما يقارب 900 دولار سنوياً، الأمر الذي يفوق إمكانيات (أبو عمر) في ظل الفقر والغلاء وانتشار البطالة وغياب فرص العمل في المنطقة.
(أبو عمر) أضاف في حديث لموقع هيومن نيوز: “كل عملي طيلة الشهر يدر عليّ أكثر بقليل من 150 دولاراً، وهي بالكاد تكفي من أجل تأمين الاحتياجات الأساسية لعائلتي، فإذا أردت دفع أقساط لمدارس خاصة فهذا يعني أنني سأصبح عاجزاً عن تدبُّر أمور العائلة، وليس بوسعي بنفس الوقت أن أترك أولادي بلا تعليم في ظل توقُّف معظم المدارس نتيجة انقطاع الدعم المقدَّم لها”.
حملة لدعم التعليم
وفي ظل توقُّف المدارس وتراجُع العملية التعليمية، طالب نشطاء المحافظة عَبْر كثير من الحملات الإعلامية بدعم التعليم والعمل على تأمين حاجة المدارس والمعلمين، وعودة المدارس المجانية حتى يتمكن جميع الأهالي من إرسال أبنائهم.
وعلى الرغم من غلاء التعليم الخاص إلا أن كثيراً من العوائل آثرت التعليم على احتياجاتها الأخرى، ويقول “حازم المحمد” الذي أرسل أولاده إلى المدارس الخاصة رغم فقر حاله: “أقتطع من قوت يومي من أجل تحقيق حلم أولادي في الدراسة وعدم تسرُّبهم في الشوارع، لأن نهايتهم ستكون أسوأ مما يمكن تخيُّله، وهذا ما لا يمكن لي أن أتحمله”.
كما أكد (المحمد) خلال حديث لموقع “هيومن نيوز” أنه استطاع هذا العام تأمين أقساط أولاده، ولكن لا يدري في العام القادم إذا كان من الممكن تأمين الأموال لتعليمهم، لذلك فإن دعم ملف التعليم ضرورة ملحّة، وتمنى (المحمد) على جميع العاملين في مجال التعليم والمنظمات المحلية والدولية، أن تُولي الملفّ أهمية قصوى ليحصل الجميع على حق التعليم.
بدوره، أكد “أحمد نجار” مدير مدرسة “المعرفة” الخاصة في مدينة “سرمدا” أنه “لا يوجد هناك إحصائية لعدد المدارس الخاصة، ولكن هناك ازدياد كبير جداً بعدد المدارس والمعاهد الخاصة خلال العام الحالي، مع وجود أعداد كبيرة جداً من الطلاب الذين توجهوا للتعليم الخاص”.
كما أضاف في حديث لموقع “هيومن نيوز” أن: “فكرة التعليم الخاص هي فكرة وليدة حالة الثورة القائمة في المناطق المحررة، وكسر القيود والقوانين التي كان يفرضها النظام والتي كانت تقيد هذه المشاريع وتحصرها بفئات محدودة”.
ولفت إلى أن “التعليم الخاص هو تلبية لحاجة ملحّة برفد التعليم العامّ بحاملة رديفة ومساعدة، خصوصاً مع تلقي التعليم العامّ ضربات موجعة من حيث البنى التحتية، وتوقُّف تطويره والنقص الشديد بالإمكانيات والأدوات”.
وحول بداية العمل في التعليم الخاص شمال غرب سورية أشار النجار: “بدايته بالمعاهد والروضات، وتطور العمل تلبية للحاجة وصولاً إلى المدارس الخاصة في إدلب المحافظة، وكان هناك عدد من المدارس الخاصة القائمة من قِبل الثورة، فكانت البدايات مع المعاهد والروضات الخاصة، ومن ثَم في عامَيْ 2014 – 2015 شهدنا ظهور المدارس الخاصة في بعض المدن مثل حزانو – سرمدا – الدانا…”.
فروق كبيرة بين التعليم العامّ والخاصّ
وبحسب (النجار) فإنه بالنسبة للمدارس والمعاهد الخاصة، فهي تتبع تنظيمياً المجمعات التربوية التابعة بدورها لمديرية التربية (دائرة التعليم الخاصّ) ووزارة التربية، وإن فكرة التحول من التعليم الخاص للتعليم المجاني لن تكون كاملة مهما توافر من ظروف مناسبة، ولكن من الممكن أن يتطور إلى نصف مجاني أو تشاركي أو أن تتكفل جهات ومنظمات بتكاليف (أقساط ومصاريف) عدد من الطلاب في بعض المدارس والمعاهد.
وخلال وقت مضى، أعلنت عدد من المدارس العاملة في مناطق إدلب وريفها إغلاق أبوابها مع بداية المرحلة الثانية من العام الدراسي الماضي، وذلك لغياب التمويل، حيث أكد العاملون في قطاع التعليم أن المعلمين بحاجة إلى مصدر دَخْل لإعالة أُسَرهم، بعد عملهم بشكل تطوُّعي لأعوام، وأن هذا هو السبب الرئيسي لإقفال المدارس.
كما أشار القائمون على الأمر إلى أن المدارس أغلقت أبوابها “حتى يتم صرف رواتب ومصاريف تشغيلية للمعلمين”، مشيرين إلى أن الكوادر التدريسية تعمل تطوُّعاً منذ عام 2018.
والمدارس التي توقفت عن العمل خلال الأشهر الماضية هي: ثانوية بنات الجسر، وثانوية بنين جسر الشغور، وثانوية فريكة، وثانوية بنات البشيرية، وثانوية ذكور البشيرية، كذلك توقفت ثانوية كنيسة بني عز، وثانوية بزيت، وثانوية مشمشان، وثانوية بنات الحمامة، ومدرسة الجديدة، ومدرسة عمرو بن العاص، وثانوية بنات الجديدة، ومدرسة ذكور الحمامة للحلقة الثانية وإعدادية بنات الجانودية، وثانوية بنات الجانودية، ومدرسة مخيم الأرامل، ومدرسة القنية، ومدرسة سلهب، ومدرسة السكرية، وإعدادية كفر نجد، وثانوية جوزف، وثانوية ذات النطاقين، وثانوية عبد الرحمن عبيدو في أريحا، ومدرسة عرّي القبلي للحلقة الثانية.
بالإضافة إلى مدرسة المأمون في أم الريش، ومدرسة مزرعة الزهراء، ومدرسة بلميس للحلقة الثانية، ومدرسة بشير حللي، ومدرسة جب الصفا، وثانوية الملند، ومدرسة ابن خلدون، ومدرسة طيبة الاسم للحلقة الثانية، ومدرسة القيسية، ومدرسة غالب شحادة، ومدرسة كنيسة نخلة للحلقة الثانية.
“عمر أبو يحيى” وهو عامل في المجال الإنساني يؤكد أنهم ساهموا بتشغيل عشرات المدارس بهدف استيعاب أكبر قدر من الطلاب المتسربين، ولكن هذه الكفالة لا تكفي قسماً كبيراً من الطلاب الذي يُقدَّر عددهم بعشرات الآلاف، وهذا الأمر يحتاج دعم دولي لملف التعليم.
كما لفت في حديث لموقع “هيومن نيوز” إلى أنه يتم تأهيل المدارس بشكل جيد، كما يتم انتقاء كادر تدريسي ممتاز، وذلك بهدف رفع سوية العملية التعليمية بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم في إدلب.
مدارس ريف حلب
بالنسبة للتعليم في ريف حلب فهناك تبعية أخرى تختلف عن مناطق إدلب وريفها، حيث يتبع القسم الأكبر من المدارس لوزارة التعليم في الحكومة السورية المؤقتة، والتي يرأسها الدكتور “جهاد حجازي”.
وبذات الوقت فقد أُوجدت خلال السنوات الأخيرة هيكلية إدارية أخرى يتبع لها قسم من التعليم شمال حلب، حيث شكلت المجالس المحلية مكاتب تعليمية، وهذه المكاتب تشرف على عدد من المدارس وخصوصاً الشهادات الاعدادية والثانوية، وتتبع بشكل مباشر لوزارة التربية والتعليم التركية والتي بدورها تعيّن المعلمين وترسل رواتباً لهم ومصاريفاً للمدارس.
وقد تسبب هذا التداخل في الجانب الإداري للعملية التعليمية بمشاكل عديدة، كان آخرها الاحتجاجات التي شهدتها مناطق ريف حلب من قبل طلاب الشهادات الثانوية والإعدادية التابعين للحكومة التركية، بسبب عدم معرفتهم لآلية الامتحانات، ما أدى إلى رسوب العشرات منهم، حيث هاجم الطلاب مسؤولي التعليم في المنطقة.
وخلال العام الماضي، طالبت نقابة المعلمين بريف حلب الشمالي رفع رواتب المعلمين بعد تدنِّي قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، وسُوء الأحوال المعيشية التي يعاني منها المعلمون.
هذا ويتلقى المعلمون في مناطق ريف حلب الشمالي الخاضع لسيطرة الحكومة المؤقتة رواتبهم بالليرة التركية، حيث لا يتجاوز راتب المعلم بأفضل الأحوال 70 دولاراً أمريكياً.
وخلال وقت سابق، أعلنت مديرية التربية والتعليم في منطقة “غصن الزيتون” بريف حلب عن رفع رواتب المعلمين بعد الانهيار الحاصل في سعر الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، ورفعت المديرية راتب مدير التربية من 900 ليرة تركية إذا كان عازباً إلى 1300 ليرة، ومن 1000 ليرة تركية إذا كانت متزوجاً إلى 1400.
وكذلك تم رفع راتب معاون المدير من 750 ليرة إذا كان عازباً إلى 1050، ومن 850 ليرة إذا كان متزوجاً إلى 1200، وتم رفع راتب مدير المدرسة من 800 ليرة إذا كان أعزبَ إلى 1150، ومن 850 إذا كان متزوجاً إلى 1200 ليرة، في حين ارتفع راتب المدرس من 700 ليرة تركية إذا كان أعزبَ ليصل إلى 1000، ومن 750 إذا كان متزوجاً إلى 1100 ليرة تركية.
التعليم الجامعي
وتنتشر في مناطق إدلب وريف حلب عدد من الجامعات التي تحوي جميع الفروع الدراسية، حيث تتلقى أقساطاً سنوية من الطلاب يصل بعضها إلى مئات الدولارات، وقد تخرج مئات الطلاب من هذه الجامعات خلال السنوات الأخيرة بعضهم نال شهادة الماجستير، ولكن العائق الأبرز بحسب كثير من الطلاب هو عدم وجود اعتراف دولي بهذه الجامعات.
ويسعى القائمون على هذه الجامعات للحصول على اعتراف من قِبل جامعات ومؤسسات دولية، حيث أعلن مجلس التعليم العالي في إدلب خلال وقت سابق، عن انضمامه رسمياً لشبكة ضمان الجودة في آسيا والمحيط الهادي (Apqn).
وبحسب بيان المجلس فإنه “بعد الجهد والعمل الدؤوب والمستمر لفترة طويلة تتجاوز سبعة أشهر، فإن مجلس التعليم العالي في إدلب ينضم لشبكة ضمان الجودة في آسيا”، وأشار البيان إلى أن (apqn) هي إحدى شبكات الجودة الخمس في العالم، والتي تُعنَى بتحسين ضمان الجودة للتعليم العالي، وتضم ما يقارب 235 مجلس تعليم عالٍ، بالإضافة إلى هيئات ووكالات وجهات اعتماد دولية إقليمية.
كما أعلنت في ذات الفترة “جامعة إدلب” عن انضمام “كلية الصيدلة” إلى الجمعية الأوروبية، وجاء في البيان الذي أصدرته الجامعة أنه: “بعد الجهود والعمل المستمر خلال الفترة الماضية، كلية الصيدلة في جامعة إدلب تنضمّ رسمياً إلى الجمعية الأوروبية لكليات الصيدلة”.
الدكتور “محمود عاصي” أمين مجلس التعليم العالي قال في وقت سابق: “إن جهة الاعتماد هي شبكة ضمان الجودة في آسيا والمحيط الهادئ (APQN)، ومقرها في مدينة شنغهاي- الصين”.
وأضاف في حديث لموقع “هيومن نيوز”، أن هذه الشبكة تعد إحدى شبكات الجودة الخمس في العالم، والتي تُعنى بتحسين جودة التعليم العالي، وتعتبر الأكبر من حيث عدد الأعضاء، وقد تأسست في عام 2003، وهي شبكة غير حكومية وغير هادفة للربح، تسعى جاهدة من أجل “تحسين جودة التعليم العالي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتذليل العقبات بهدف تطوير الجودة “.
وتضم حالياً 253 عضواً من 45 دولة وإقليماً، وبذلك تصبح أكبر منظمة دولية وأكثرها نفوذاً بمجال التعليم العالي في هذه المنطقة، حيث لعبت APQN دوراً حاسماً وفريداً في تحسين آلية ضمان الجودة، وتبادُل الخبرات النظرية والتطبيقية، وتعزيز التعاون الجوهري، وإنشاء البنك الاستشاري، ومراجعة سِجلّ الجودة لآسيا والمحيط الهادئ (APQR)، وعلامة الجودة في آسيا والمحيط الهادئ (APQL)، في هذه المنطقة.
كما تعمل الشبكة على تعزيز ثقافة ضمان الجودة للتعليم العالي حول العالم، من خلال عقد العديد من المؤتمرات الأكاديمية الدولية، وذلك بحسب الدكتور (عاصي).
وأشار (عاصي) إلى أنه خلال مدة زمنية طويلة نسبياً، شملت ترجمة جميع ملفات وقوانين مجلس التعليم العالي ورفعها على موقع المجلس الإلكتروني، بالإضافة لمراسلات مع جهة الاعتماد، وبعد دراسة الملفّ كاملاً من خلال لجانهم حسب المعايير المحددة لديهم، وقد شملت 8 معايير هي:
– طبيعة عمليات الوكالة.
– بيان المهمة والأهداف.
– الموظفون وعملهم، الأرقام، الملف الشخصي.
– الملف التعريفي للمراجعين.
– الاستقلالية.
– الموارد.
– معايير وعمليات ضمان الجودة الخارجية.
– ضمان الجودة.
وبالتالي حصل مجلس التعليم العالي في إدلب، على عضوية كاملة في شبكة ضمان الجودة المذكورة.
وأردف (عاصي) بأن: “حصول مجلس التعليم العالي في إدلب على هذه الاعتمادية إنما يزيد من رصيده المهني، ويشكل دعماً كبيراً للتعليم العالي بشكل عامّ، حيث تُعتبر هذه العضوية مهمة جداً للطلاب، إذ تفتح الباب أمام المجلس لتوقيع مذكرات شراكة مع هيئات ومجالس تعليم عالٍ دولية، ما يؤدي إلى قَبول شهادات طلاب الجامعات المرخصة لدى المجلس في تلك الدول.”
وذكر في حديثه أنه: “بالنسبة للأكاديميين، تؤدي هذه العضوية إلى حَوْكَمة وتنظيم عمل مؤسسات التعليم العالي التابعة للمجلس، ما يؤدي إلى شَرْعَنة العملية التعليمية في هذه الجامعات، ليعود بالفائدة الكبيرة للكادر التدريسي في الجامعات المرخصة لدى المجلس، عند رغبة الكادر التدريسي العمل لدى الجامعات الأجنبية أو المشاركة في أبحاث ومؤتمرات، وما إلى ذلك من نشاطات علمية وأكاديمية”.
ما خطوات المجلس اللاحقة؟
الدكتور (عاصي) نوه بأن “المجلس عمل منذ إنشائه على تطوير معايير وأنظمة ضمان الجودة للجامعات والأكاديميات ومؤسسات التعليم العالي في الشمال السوري على مدى السنوات القليلة الماضية، ويسعى لتطوير خططها وتنفيذ أفضل الممارسات للاعتماد الأكاديمي حول العالم، وتُعتبر هذه الخطوة (الاعتمادية) هي الأولى من نوعها التي يحققها مجلس التعليم العالي، والتي من شأنها أن تكون بوابة في طريق تحقيق إنجازات أخرى من هذا النوع”.
كما أشار إلى أنه سيسعى إلى توقيع مذكرات شراكة وتفاهُم مع مجالس وهيئات ووكالات ضمان الجودة حول العالم، وتوسيع شبكة شركائه الحالية والمستقبلية، وسيعمل بجدّ للحصول على عضويات أخرى في أهمّ شبكات ضمان الجودة العالمية.
هذا وتسعى معظم الجامعات في مناطق شمال غرب سورية للحصول على اعتراف دولي من قِبل الجامعات الأجنبية، وذلك في ظل عدم وجود اعتراف سوى من بعض الجامعات التركية.