الرئيسيةالأخبار“هيومن نيوز” يفتح ملفّ المخدِّرات في سورية .. طرق التهريب وكيفية انتشارها
الأخبارسوريا

“هيومن نيوز” يفتح ملفّ المخدِّرات في سورية .. طرق التهريب وكيفية انتشارها

أيهم الشيخ
باتت ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات منتشرة في العديد من المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد و”قسد” والمعارضة السورية، خلال الفترة الماضية، بالتزامن مع تسهيلات كبيرة يقدمها نظام الأسد للتجار والمروجين من ضباطه وعناصره في جلب الموادّ الممنوعة وبيعها.

وشهدت سورية على مدار أحد عشر عاماً حالة من الدمار على كافة الأصعدة، مع مرور سنوات النزاع المسلّح وما تبعها من نشوء مناطق نفوذ متفرقة لميليشيات تابعة للنظام.

ومع مرور الزمن دخلت تجارة المخدرات والموادّ الممنوعة وآلية ترويجها مرحلةً جديدة في عموم سورية، ليتم تحويل سورية ليس فقط لبلد حرب بل لبلد مصدِّر ومصنِّع للمخدرات.

وتشير المعلومات إلى أنّ “نسبة 60% من متعاطي المخدرات هم من الشباب، و85% منهم نتيجة رفاق السوء، كما تبين أن معظم الذين يتعاطون المخدرات من هذه الفئة يعترفون أنهم يتناولونها بسهولة باعتبار أن القانون يعامل المتعاطين على أساس أنهم ضحايا يجب معالجتهم”.

وقالت مصادر محلية في مناطق سيطرة نظام الأسد: “إن ميليشياته تجبر بعض طلاب المدارس الإعدادية والثانوية على العمل في ترويج المخدرات داخل مدارسهم، مقابل إعطائهم متطلباتهم من الحبوب بشكل مجانيّ، ما يعني تجنيد شباب صغير في السن يمكن التضحية بهم في أي وقت.

وتشير المصادر إلى أن عناصر مجموعة تابعة للفرقة الرابعة كقوة رديفة في وادي بردى، يتخذون من الأكشاك المنتشرة في قرى “كفير الزيت، ودير مقرن، والحسينية وإفرة”، مركزاً رئيسياً لبيع الحبوب المخدرة وبشكل علني.

هذا ويشرف على إدخال المواد المخدرة إلى سورية من لبنان، قياديون بارزون في “حزب الله” والميليشيات المحلية التابعة له في المنطقة.

كما أن بعض المعلمين تورطوا في تعاطي المخدرات وتعاونوا مع طلاب لديهم لنشرها بين بقية الطلاب، الأمر الذي تسبب بإدمان طلاب في المرحلتين الإعدادية والثانوية للمخدرات، وتسرُّب قسم منهم من الدوام الدراسي بشكل كامل، بحثاً عن مصادر للحصول على المال بهدف تغطية نفقاتها.

وتشير وسائل الإعلام، إلى أن المخدرات تنتشر في معظم المحافظات السّورية وخاصة في المناطق الخاضعة لسّيطرة نّظام الأسد، سيما في المناطق الجنوبية كالسّويداء ودرعا والقنيطرة والعاصمة دمشق وريفها.

كما أنّ ميليشيات “حزب الله” وأقرباء “بشار الأسد”، يتخذون من ترويج الحشيش والحبوب المخدرة مصدر رزق أساسي لهم، حيث إن المراهقين وطلاب المدارس هم الهدف الأول لسوق التصريف، ويعتمدون على تصديرها إلى دول الجوار وبالأخص إلى الأردن، حيث تكافح السلطات الأردنية عمليات التهريب على حدودها بشكل يوميّ.

بدورها، كشفت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية، أن مراكز تصنيع المخدرات في مناطق سيطرة الأسد باتت تعتمد بشكل أكبر على الطرق البحرية البديلة عَبْر البحر المتوسط، والطرق البرية عبر الأردن والعراق، التي توفر الوصول إلى الأسواق الاستهلاكية في الخليج.

وأكدت الصحيفة أن الحظر الذي فُرض على الاستيراد من لبنان سوف يساهم بتضخيم تجارة “الكبتاغون” من سورية، التي تُعَدّ مركز الإنتاج الرئيسي، على الرغم من رغبة المملكة العربية السعودية في كبحها.

كما اعتبرت أن مراكز التصنيع الرئيسية لحبوب “الكبتاغون” المخدرة تقع في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد، مع دور داعم لـ “حزب الله” في تزويد المنتجين بالخبرة الفنية والغطاء والحماية أثناء العبور من سورية إلى لبنان.

ونوّهت الصحيفة إلى أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في مضبوطات السعودية من معبر “الحديثة” مع الأردن، ما يشير إلى أن مهرّبي “الكبتاغون” بدؤوا بزيادة حركة المرور على الطرق البرية من سورية عَبْر الأردن، لتجاوز القيود التي فرضتها المملكة على الاستيراد من لبنان.

وأوضحت أنه “على الرغم من أن لبنان يلعب دوراً فاعلاً في تجارة الكبتاغون، فإنه جزء واحد فقط من المعادلة، وسورية لا تزال مركز المخدرات والجهة الفاعلة في إنتاجها، التي تكيّفت مع القيود الاقتصادية الجديدة”، في حين أنه وبشكل مستمر تعلن الجمارك الأردنية إحباط محاولات تهريب مخدرات من معبر “جابر/نصيب” الحدودي مع سورية.

وخلال وقت سابق قال الناطق الإعلامي في دائرة الجمارك الأردنية: “إن الكوادر الجمركية العاملة في مركز جمرك جابر/نصيب بالتعاون مع إدارة مكافحة المخدرات والأجهزة الأمنية، تمكنت من إحباط تهريب 60 ألف حبة كبتاغون تم ضبطها داخل شاحنة تحمل لوحة أجنبية قادمة من دولة عربية مجاورة”.

وكانت دائرة الجمارك الأردنية قد أعلنت في وقت مضى إحباط تهريب (35) ألف حبة “كبتاغون” ومادة “الكريستال” المخدِّرة بما يقارب (2.5) كغ، تم ضبطها داخل سيارة عمومية مخصصة لنقل الركاب تحمل لوحة أجنبية قادمة من سورية.

من جهته أكد ‏رئيس دائرة المخدرات في الأردن العقيد “حسن القضاة”، أن مصانع “الكبتاغون” موجودة في مناطق سيطرة الفرقة الرابعة وتحت حمايتها، فيما بلغت الكميات المضبوطة في الأردن من “الكبتاغون” هذا العام ضعف ما تم ضبطه عام 2020 بحسب “القضاة”.

من جهتها صحيفة “نيويورك تايمز” كشفت في تحقيق لها، أن “ماهر الأسد” مسؤول عن شبكة تهريب المخدرات إلى الخليج، حيث استند التحقيق على معلومات جهات إنفاذ القانون ومسؤولين في 10 دول، ومقابلات مع خبراء مخدرات دوليين وآخرين.

ومن بين اللاعبين الرئيسيين في هذه التجارة المربحة، رجال أعمال تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة، كذلك جماعة “حزب الله” اللبنانية المسلحة وأعضاء آخرين من عائلة الرئيس، الذين يضمن اسمهم الأخير الحماية من الأنشطة غير القانونية.

بدوره، ذكر مركز “ألما” الإسرائيلي أن الجنوب السوري أصبح مصنعاً لإنتاج المواد المخدرة، التي يتم تجهيزها لتُهرَّب فيما بعدُ باتجاه الأردن ودول الخليج، بينما ينتظر حزب الله في المنطقة الجنوبية تبدُّل الظروف المناخية، وأن تحلّ أجواء الشتاء والضباب الكثيف، ليسهل مهمتهم في تهريب المخدرات بكميات كبيرة إلى الأردن.

وذكر المركز أن الموادّ الأولية لتصنيع المخدرات تأتي من “أصفهان” الإيرانية إلى محافظة “كربلاء” في العراق، ومن ثَمّ تُشحَن إلى دير الزور السورية، وتصل إلى مطار “بلي” بريف دمشق لتكون محطتها الأخيرة في “حوض اليرموك” جنوب سورية، حيث يتم تصنيعها وتحويلها إلى حبوب معدة للتهريب.

وإضافة إلى كل ذلك، هناك كميات كبيرة من المخدرات الجاهزة، يُدخلها “حزب الله” إلى السويداء، قادمة من معامله في الضاحية والبقاع اللبنانية، بالتعاون مع أجهزة الأمن والفرقة الرابعة، في وقت انتشرت خلاله ظاهرة بيع المخدرات في مدارس السويداء، وخصوصاً بين طلاب المدارس، ما أثار حالة من السخط بين أهاليهم.

ووردت عدة شكاوى من أهالي طلاب مدرسة “كمال عبيد” ومدرسة “التجارة”، عن تورُّط أبنائهم بتعاطي المخدرات، وذلك من خلال شبكة يعمل فيها عدد من الأطفال، كما وصلت عدة شكاوى عن وجود أطفال أمام المدرستين، يبيعون المخدرات للطلاب بعد خروجهم من المدرسة.

وقال مصدر خاص في السويداء لموقع هيومن نيوز: “إن أحد الأطفال الذين يبيعون المخدرات أمام مدرسة التجارة ومدرسة كمال عبيد، طفل قاصر يدعى يزن بلان يذهب بشكل يومي إلى عدد من مدارس المدينة لبيع حبوب الكبتاغون للطلاب”.

وأضاف المصدر: “رفع عدد من أهالي الطلاب شكوى لمدير المدرسة الذي بدوره رفع الشكوى إلى مدير التربية بسام أبو محمود، ولكن دون جدوى قائلاً له، نحن نتصرف داخل سور المدرسة أما خارجها فليس لنا أي صلاحية”.

وعلى إثر الحادثة قدم أهالي الطلاب شكوى لدى قسم مكافحة المخدرات في الأمن الجنائي لكن دون جدوى، حيث ما زال (يزن) يبيع المخدرات يومياً دون أي تدخُّل من الأجهزة  الأمنية بل بحماية منهم، بحسب شهادات الأهالي.

ويبيع الطفل (يزن) حبوب “الكبتاغون” بسعر رخيص للطلاب وبأقل بكثير من سعر السوق، وذلك بهدف توريط أكبر عدد ممكن من المراهقين بتعاطي المخدرات، فهم وإن لم يحملوا النقود لشرائها إلا أن هذه العصابات تطمع في تجنيدهم واستغلالهم في التوزيع، وغيرها من الأعمال الإجرامية.

كما قبض أهالي أحد الأحياء عدة مرات على (يزن)، لكن كل محاولة تبوء بالفشل بسبب مجموعة من الشباب المرافقين لـه، ومعظمهم مسلحون، فكانوا يتدخلون لإنقاذه في كل مرة بقوة السلاح.

وفي إحدى المرات هرب (يزن) ومن معه واحتموا بدورية أمنية كانت بالقرب من المدرسة، حيث إن الدورية منعت الأهالي من الاقتراب منهم، بحجة أنه لا دليل لديهم أنه يبيع المخدرات، وتناست الدورية أن من أقوى الدلائل هو الشهود على الفعل الإجرامي، وهم في هذه الحالة متوافرون، بل حاولوا ضبط المجرمين أنفسهم.

وتنشط  الأجهزة الأمنية التابعة لقوات الأسد والميليشيات الإيرانية في ترويج المخدرات بالسويداء، وأصبح دورهم علنياً بحماية مروجي المخدرات ودعم ترويج المخدرات بين الأطفال في المدارس، ضِمن عمل ممنهج يهدف إلى توريط أكبر عدد من أطفال وشباب السويداء بتعاطي المخدرات.

وفي وقت سابق، أصدر حزب “اللواء السوري” بياناً أشار فيه إلى مسؤولية نظام الأسد عن نشر الفساد والمخدرات في السويداء متوعداً بمواجهته.

وقال البيان: “في الوقت الذي يعاني خلاله الشعب السوري الفقر والجوع، وانتشار المخدرات وارتفاع الأسعار الفاحش وغياب الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء ووقود، تخرج علينا السلطة السورية بتعديل جديد لقانون الجرائم المعلوماتية خوفاً على هيبة هذه السلطة”.

وأضاف البيان: “المضحك أن تخاف هذه السلطة على هيبة الدولة، في الوقت الذي تسرق البطاقة الذكية جيوب السوريين وتمارس بحقهم أبشع أنواع الذل والمهانة، وتتحول مؤسسات الدولة إلى مراكز للفساد والنهب والسرقة وقبض الرشاوى”.

كما أكد البيان أن: “السلطة تعلم أن محاربة الفساد تعني النهاية بالنسبة لها، لأن هذه السلطة مبينة من أعلى الهرم حتى أصغر شخص فيها على الفساد والنهب، وكان لا بد من وضع قانون يمنع السوريين من التعبير عن رفضهم للواقع المخزي الذي يعيشون فيه”.

ولفت إلى أنه: “بعد أن قُسمت البلاد إلى مناطق نفوذ، وباتت الدولة يحكمها الفساد والسلب والنهب، وتم تهجير ملايين السوريين هرباً من الجرائم التي ارتُكبت بحقهم، والقسم الباقي يبحث بكل الطرق للخروج من البلاد، تخرج السلطة بكل وقاحة وتطالب بالحفاظ على هيبة الدولة والمقصود هنا… عدم انتقاد فساد السلطة”.

كما ذكر البيان: “أن أفراد حزب اللواء السوري بدؤوا في السويداء حملة مدنية ضدّ فساد السلطة السورية، ضِمن المرحلة الأولى من التصعيد المدني ضدّ الفساد والفقر وانتشار المخدرات”.

*محافظة حمص*

شهدت محافظة حمص خلال الآونة الأخيرة رواجاً واسعاً للحبوب المخدرة ومادة “الحشيش” بين أوساط المدنيين، في ظلّ اكتفاء الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري المتمثلة بشعبة مكافحة المخدرات، باتخاذ دور “المتفرج” دون تحريك ساكن للحدّ من انتشار هذه الظاهرة.

مصادر خاصة قالت لموقع هيومن نيوز: “إن المدعو أبو جعفر يتزعم مجموعة لتوزيع وبيع المخدرات في ريف حمص الشمالي، ويدعى (جعفر جعفر) من أبناء قرية المختارية شمال مركز المدينة بنحو 7 كم، والمعروف بقربه من رؤساء الأفرع الأمنية باعتباره أحد القادة الميدانيين لـ لواء الرضا الشيعي، الذي شارك بمعظم المعارك كـ قوات رديفة إلى جانب قوات النظام، خلال أعوام الثورة التي شهدتها محافظة حمص”.

وبحسب المصادر فإن “جعفر جعفر” يعمل بتوجيه من قِبل رئيس فرع الأمن العسكري العميد “سليمان قنا” الذي تربطه علاقات مباشرة مع قياديين من ميليشيا “حزب الله” اللبناني، والذي يعتبر المصدر الوحيد لإدخال حبوب “الكبتاغون”، ومادة الحشيش التي تدخل من الأراضي اللبنانية نحو سورية.

وبات ريف حمص الشمالي يغصّ بالمخدرات خلال الآونة الأخيرة، فقد اعتمد “جعفر جعفر” على المقدم (شريف) رئيس مفرزة الأمن العسكري في مدينة “تلبيسة”، والمساعد (أبو أحمد) رئيس مفرزة أمن الدولة، لتسهيل نقل وتوزيع الحبوب المخدرة، وغضّ الطرف عن موزعها بين المدنيين المدعو “أيمن الناجي” أحد أبناء المدينة، بحسب ما ذكر المصدر.

وعلى الرغم من فشل (جعفر) بالتوغل إلى مدينة “الرستن” إحدى أكبر مدن الريف الشمالي، نظراً لحالة عدم القبول والرضى عنه من قِبل أبناء المدينة، على خلفية تسببه باعتقال العشرات من أبنائها عقب “المصالحة”، إلا أنه نجح بالاعتماد على المدعو “خير الله عبد الباري” الملقب بـ “خيرو الشعيلة” قائد “قوات التدخل السريع” ضِمن مرتبات “اللواء 47” المدعوم إيرانياً، ليكون الموزع الرئيسي للمخدرات في المدينة من خلال عناصره الذين يتعدون الـ1000 شخص.

وأضاف المصدر أنه في ريف حمص الشرقي، يعمل رئيس مفرزة مخابرات الأمن العسكري “أبو علي خضر” المتواجد على مدخل قرية المسعودية، على تسهيل عبور شحنات المخدرات لقاء تخصيص مبلغ مالي عن كل شحنة يتم إيصالها إلى قرى “المخرم ومسعدة وجب الجراح”، والتي تُعتبر من القرى المسانِدة لقوات النظام، وخزانه البشري الذي سانده في حربه على المناطق التي ناهضت حكمه سابقاً في حمص.

وشهدت أسعار الحبوب المخدرة انخفاضاً لافتاً في حمص بعد انتشار مروجيها بشكل كبير، حيث وصل سعر الحبة الواحدة إلى 750 ليرة فقط، بينما بلغ سعر كفّ الحشيش الذي يزن 350 غراماً 40 ألف ليرة سورية.

*حلب*

أنشأت

الميليشيات الإيرانية عدداً من المعامل الخاصة لتصنيع المخدرات في مدينة حلب شمالي سورية، واتخذت منها نقطة انطلاق لتهريب هذه المواد باتجاه مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية شمال غربي البلاد.

وكلفت إيران ميليشيا “فيلق المدافعين عن حلب” بالإشراف على تلك المعامل وإدارتها، إضافة إلى تشكيل شبكة من المروجين، مهمتهم نشر المخدرات بين أبناء المدينة وتسويقها خارج المحافظة.

وأشارت المصادر إلى أن ميليشيا “المدافعين عن حلب” تُعتبر المسؤول الأول عن تمرير شحنات المخدرات باتجاه مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، عن طريق ممرات تقع ضِمن المناطق التي تسيطر عليها “قسد” وتحديداً في مناطق “منبج” و”تل رفعت” وريف حلب المتاخم لمدينة “عفرين”.

ويعتبر فيلق “المدافعين عن حلب” ميليشيا تأسَّست بريف حلب الجنوبي عام 2017 بدعم وتسليح إيراني كامل، وترتبط بشكل مباشر بقاعدة جبل “عزّان” التابعة لـ”الحرس الثوري”، وتضم في صفوفها مقاتلين من أتباع المذهب “الشيعي”، معظمهم انشقوا عن “لواء القدس” و”الدفاع الوطني” والتحقوا بها، حيث تشرف الميليشيا على عدد من المنشآت المخصصة لتصنيع المخدرات، أكبرها في مدينة “الزهراء” والسكن الشبابي في بلدة “نبل” بريف حلب الشمالي.

وتتخذ الميليشيات الإيرانية المنتشرة في سورية من تجارة المخدرات مصدراً أساسياً لتمويلها وتأمين رواتب العناصر المنتسبين لها، كما استولت في سبيل ذلك على أراضٍ زراعية في ريف حمص الجنوبي ودمشق الغربي واللاذقية وزرعتها بمادة الحشيش.

وتعتبر ميليشيا “حزب الله” المصدر الأول للمخدرات في سورية، والتي تقوم باستجرار كميات كبيرة منها عَبْر الطرق الجبلية في منطقة القلمون بريف دمشق الغربي، ومن ثَم تهريبها إلى الدول المجاورة والخليج العربي بالتعاون مع ضباط النظام السوري.

وشهد مخيم النيرب للاجئين الفلسطينيين بمدينة حلب، انتشاراً واسعاً لمواد “الحبوب والحشيش المخدر”، وأصبح بمتناول غالبية شرائح المجتمع بما فيهم الشباب والأطفال.

وأكدت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” في تقرير، أن ظاهرة المخدرات تفشت بشكل كبير في مخيم “النيرب”، بين فئات الشباب والأطفال خاصة في سنوات الحرب التي شهدتها سورية، بسبب سُوء الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدل البطالة وتردِّي الأحوال المعيشية.

وأضاف التقرير، أن هناك سهولة في وصول المادة وترويجها وأسعارها “المقبولة”، ناهيك اضمحلال الرقابة الأمنية في الدرجة الأولى وغياب دور الأهالي، ما يعتبر من أبرز الأسباب لتغلغل هذه الظاهرة الدخيلة على مخيم “النيرب”، والتي تهدد جيلاً بأكمله.

وذكر التقرير أن شجاراً دار بين شابين من شباب المخيم، ضربا بعضهما بالسكاكين بسبب الخلاف على سيجارة “حشيش”، منوهاً بأن هذه الحوادث باتت تتكرر في الآونة الأخيرة بشكل مستمر.

*مناطق سيطرة المعارضة السورية*

خلال العام الجاري شنّ جهاز الأمن العامّ التابع لهيئة تحرير الشام العامل في إدلب وريفها، حملة ضد مروجي المخدرات شمال غرب سورية.

كما قامت الإدارة الأمنية في “هيئة ثائرون” التابعة للجيش الوطني، وضِمن الحملة الأمنية المستمرة على تجار المخدرات في المناطق المحررة، باعتقال أكبر تجار المخدرات في مدينة “جرابلس” المدعو (أبو شيماء).

كما بث جهاز الأمن العامّ وجهاز المهامّ الخاصة التابع لوزارة الداخلية، صوراً أثناء مداهمة أوكار مروجي مادة “الحشيش” والمخدرات، حيث تم اعتقال العديد منهم.

وفي وقت سابق، نفذ “الفيلق الثالث” في الجيش الوطني السوري، حملة أمنية بمدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، استهدفت أشخاصاً متهمين بالاتجار وترويج المخدرات.

وقال مصدر في المكتب الأمني للفيلق: “إن الحملة جاءت بتوجيه مباشر من قيادة الفيلق، وبمساندة من الفرقة الأولى وقيادة منطقة أعزاز”، حيث استهدفت الحملة معملاً سرياً للمخدرات قرب مدينة أعزاز، وعدداً من التجار الكبار على مستوى المنطقة، وجرى إيقاف ثمانية أشخاص ومصادرة معدات خاصة بمعمل لكبس حبوب “الكبتاغون”، ووفقاً للمصدر فإن هناك قائمة مطلوبين يتم الآن ملاحقتهم لحين إلقاء القبض عليهم.

تأتي هذه الحملات في وقت تتصاعد به محاولات تهريب المخدرات في الشمال السوري، حيث سبق أن أعلنت وحدات الجيش الوطني السوري وقوى الأمن والشرطة، ضبط كميات من المواد المخدرة القادمة من مناطق سيطرة النظام و”قسد”.

بدورها، ألقت قوات الشرطة والأمن العامّ في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي خلال الأشهر السابقة، القبض على مجموعة من مروجي المخدرات، وضبطت كمية من مادة “الحشيش” بحوزتها.

وأوضحت الشرطة في بيان، أن الشخص الأول كان بحوزته 6 كفوف حشيش تزن 1190 غراماً، و3 حبوب “كبتاغون”، ومائة دولار مزورة، فيما تم ضبط بندقية حربية مع مخزن واحد، بحوزة الشخصين الآخرين، و6 كفوف حشيش تزن 1176 غراماً، و548 حبة “كبتاغون”، و10.31 غراماً من مادة “أتش بوظ” المخدرة.

ويؤكد “ع . م” وهو أحد متعاطي حبوب “الكبتاغون” المخدرة، أنه لم يعد بإمكانه التخلص منها بعد إدمانه، حيث بات يتناول يومياً ما يقارب  3 إلى 4 حبات، يتسلُّمها عبر تاجر مخدرات في المنطقة.

ويضيف في حديث لموقع “هيومن نيوز” موضحاً محاولاته البائسة للخروج من واقع مُزرٍ: “أشعر بالنشوة عند تناول الحبة وكذلك أملك نشاطاً كبيراً وأتخلص من حالة الاكتئاب التي أعاني منه، بسبب الفقر والبطالة وعيشة الخيام ورغم أضراره لا أريد تركه”.

وفي السياق، ألقى الجيش الوطني السوري، القبض على خلية متورطة بترويج والاتجار بالمخدرات، في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي.

وقالت “الجبهة السورية للتحرير” إحدى مكونات الجيش الوطني: “إن المكتب الأمني التابع لها تمكن بالتنسيق مع الشرطة العسكرية في ناحية جنديرس، من اعتقال اثنين من تجار المخدرات في المنطقة”.

وبحسب البيان فإن شخصين يدعيان “محمد يوسف” و “محمد درموش”، تم القبض عليهما، حيث ضُبطت عشرة آلاف حبة “كبتاغون” مخدرة، وبندقية “كلاشينكوف” وعدة مخازن ذخيرة بحوزتهما.

*مناطق سيطرة قسد*

بدورها، أفادت مصادر خاصة لموقع “هيومن نيوز” عن انتشار بيع الحبوب المخدرة و “الحشيش” بين مقاتلي “قسد” في مناطق منبج وشرق الفرات، وذلك من خلال بيعها للمقاتلين والمدنيين إثر الحصول عليها من مناطق النظام السوري في بلدات “نبل “و”الزهراء” بريف حلب، عن طريق مهربين وذلك بهدف الحصول على مرابح ضخمة نتيجة لارتفاع أسعارها.

وأفادت المصادر بأن تهريب الحبوب وبيعها لا يقتصر على مناطق “قسد” بل تم تهريب عدد من أكياس الحبوب المخدرة باتجاه مناطق الشمال السوري إلى مدينة عفرين، وكذلك إلى مناطق إدلب، حيث انتشر تعاطي الحبوب المخدرة بين الشبان نتيجة لظروف الحرب.

ويتم تهريب عدد من أكياس الحبوب بطرق مختلفة لا يتم كشفها على الحواجز العسكرية، من خلال وضعها في إطارات السيارات، حيث يضم كل كيس من الحبوب المخدرة من نوع “كبتاغون” 1000 حبة، ويتم بيع كل كبسولة مقابل “نصف دولار”، وترتفع سعر الحبة بحسب جودتها.

أحد عناصر “قسد” الذين عملوا في ترويج المخدرات قال لـ”هيومن نيوز”: “بالنسبة للمصدر الرئيسي بالمنطقة هم تجار تابعون للنظام عن طريق شخصيات كبيرة بقوات قسد، وتتم عملية التوزيع على تجار بالمناطق وبعد فترة قصيرة يتم إلقاء القبض على البائعين غير التابعين لشخصيات محسوبة على التنظيم، حيث يتم مصادرة البضائع، ويقومون بإتلاف 10 % من الحبوب وبيع القسم الباقي في الأسواق”., ويتم تهريب كميات ضخمة من الحبوب إلى تركيا عن طريق تجار كبار؛ لأن أسعار الحبوب في تركيا أعلى بكثير من مناطق “قسد”، حيث يشرف على هذه العملية بشكل رئيسي استخبارات “قسد”.

وبهذا الصدد أضاف المصدر: ” بالنسبة لعمليّات انتشار الحبوب بين العناصر بدأت عن طريق قادة الأفواج، حيث يتم توزيع كميات من حبوب كبتاغون والحشيش لقائد الفوج ليوزعها على العناصر، لأنها تحقق نتائج إيجابية في المعارك من القوة والشجاعة وعدم التفكير، ما سبب إدماناً للعناصر”.

وبسبب توزيع كميات كبيرة من الحبوب على العناصر، أصبحت هناك العديد من حالات الإدمان، حيث يلجأ العنصر لقائد الفوج من أجل تأمين الحبوب، فيتم بيعهم كميات كبيرة ويعود ربحها لقيادات “قسد” المشاركة في عمليات التجارة.

وبالنسبة لمدخول العناصر لا يقارن بمدخول التجار والمروجين، فحبة “كبتاغون” التي تُباع بـ “٣٠٠ ليرة سورية”، يتم بيعها بأكثر من “١٥٠٠ ليرة سورية” للمتعاطي، حيث أن الأرباح تعتبر خيالية وتُقدَّر بملايين الدولارات شهرياً.

هذا وصرح مصدر عسكري في الجناح العربي في “قسد” لموقع “هيومن نيوز” – دون الكشف عن اسمه – أن “عمليات التهريب تتم عَبْر فرع الاستخبارات عن طريق التجار المتعاملين معهم، فالعناصر مهمتهم الرئيسية ترويج الحبوب للمدنيين، حيث إن كل عنصر مدمن على الحبوب يستطيع نشر الإدمان بين أصدقائه ومجتمع المحيط وتأمين الحبوب لهم بعد إدمانهم”.

ويعمل جهاز الاستخبارات على خطة تتضمن ترويج الحبوب بين المدنيين وجرّ أكبر عدد ممكن من الشباب للإدمان عن طريق تقديم المواد بالبداية مجاناً، وبمجرد أن يدخل المتعاطي مرحلة الإدمان تبدأ عملية البيع بأسعار مرتفعة، لذلك انتشرت الموادّ بشكل كبير.

وحول حكم الذين يتم القبض عليهم بتهمة الاتجار بالحبوب قال “المصدر”: “تقدر نسبة الشباب المتعاطين للحبوب بحوالَيْ 60% في مناطق (قسد)، ويقدّر حكم المتعاطي للحبوب إذا تم القبض عليه من شهر إلى ثلاثة أشهر، لكن بأغلب الأوقات يخرج خلال شهر، فيما يتراوح حكم التاجر بين ثلاثة أشهر للسنة، وغالباً ما يخرج خلال ستة أشهر سواءٌ أكان مدنياً أم عسكرياً”.

هذا ويحتاج تصنيع المخدرات حالة من الفوضى وبيئة اجتماعية غير آمنة، وهو ما صنعته الميليشيات، بالإضافة لفوضى حمل السلاح والتعاطي به مع كافة المشكلات، ما أوجد طرق تهريب وتسويق بين المدنيين، حيث يسعى النظام السوري إلى خلق جوّ عامّ من الفساد في المناطق الخارجة عن سيطرته، ومن ثَم تقوم العناصر في هذه المناطق بنشر الإدمان بين المدنيين لتغييب الطاقات الشابة عن الواقع، بحسب المصدر.

جدير بالذكر أن فريق “منسقو استجابة سورية” أكد في تقرير، أن انتشار ظاهرة ترويج وبيع المخدرات وزيادة نسبة المتعاطين لها شمال غرب سورية، تُعتبر إحدى المشاكل التي تواجه المدنيين يومياً على الرغم من عشرات الحملات الأمنية لمكافحة المخدرات في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *