أيهم الشيخ
أشار مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية، “ألكسندر لافرنتييف”، إلى أن بلاده ستعرقل صدور قرار جديد من مجلس الأمن لتمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود.
وقال (لافرنتييف) في تصريح أدلى به الأربعاء على هامش اجتماعات الجولة 18 من محادثات “أستانا” حول سورية: “حان الوقت لإيقاف آلية إيصال المساعدات عبر الحدود دون موافقة الحكومة السورية”.
وأضاف: “لم ينفذ الغرب جميع الالتزامات التي وعد بها قبل عام بشأن تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، ولذلك فإننا سنبحث، غالب الظن، مسألة إلغاء آلية المساعدات عبر الحدود”.
ومضى بالقول: “لم نرصد حتى الآن أن الغرب بصدد تخفيف عقوباته، فعلاً تم إنشاء هذه الآلية كإجراء مؤقت، والأغلب ظناً أنه حان الوقت لإيصال كل المساعدات التي يقدمها المجتمع الدولي بالطريقة المشروعة عبر دمشق”.
بدوره، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة “ستيفان دوجاريك”، أن أكثر من 2.4 مليون سوري يستفيدون شهرياً من المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” على الحدود مع تركيا.
وأشار (دوجاريك) إلى أن حوالي 4.1 ملايين رجل وامرأة وطفل يحتاجون إلى مساعدات إنسانية شمال غرب سوريا هذا العام، مقارنة مع 3.4 ملايين شخص في العام الماضي.
ودعا مسؤولون في الأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي بتمديد تفويض إيصال المساعدات الإنسانية الأممية عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا.
وطالب المسؤولون المجلس الدولي بضمان وصول منتظم للمساعدات إلى شمال غربي سوريا، إضافة إلى زيادة قنوات المساعدات الإنسانية والسماح بوصولها إلى أقصى حد.
كما دعا المسؤولون الأمميون إلى تجديد الآلية لنحو 4.1 ملايين شخص يحتاجون إلى المساعدة، 80 % منهم نساء وأطفال لمدة عام إضافي.
الرسالة الأممية وقعها كل من “كاثرين راسل” مندوبة عن اليونيسف، و “مارتن غريفيث” وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، و “ناتاليا كانيم” عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، و “أنطونيو فيتورينو” ممثل المنظمة الدولية للهجرة و “ديفيد بيسلي” عن برنامج الأغذية العالمي، و “فيليبو غراندي” من مفوضية اللاجئين، و “تيدروس غيبريسوس” عن منظمة الصحة العالمية.
وأشار المسؤولون إلى أن إلغاء الآلية سيغرق سكان شمال غربي سورية في بؤس أعمق، وسيهدد وصولهم إلى الغذاء والرعاية الصحية.
الباحث في الشأن الروسي د. “أحمد منير” أكد “إن روسيا من خلال التهديد بإغلاق معبر باب الهوى، عن طريق منع تمديد القرار الأممي بإدخال المساعدات عبر الحدود مع تركيا إلى شمال غرب سوريا، تهدف إلى تحقيق عدة مكتسبات من الدول الغربية”.
وأضاف في حديث لموقع هيومن نيوز أن “الهدف الروسي الأول هو حصر إدخال المساعدات عبر خطوط التماس مع النظام، بعد نجاح إدخال 5 قوافل خلال الأشهر الماضية، كذلك إجبار الدول الغربية على السماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق شرق أوكرانيا والتي سيطرت عليها القوات الروسية مؤخراً”.
وخلال الشهر الجاري، أدخلت الأمم المتحدة قافلة مساعدات إنسانية إلى محافظة إدلب، عَبْر خطوط التماسّ مع قوات النظام السوري، هي الخامسة من نوعها.
ودخلت القافلة عَبْر معبر “الترنبة” الفاصل بين مناطق سيطرة النظام في سراقب، والمناطق الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام.
وضمت القافلة 14 شاحنة، وتم نقلها إلى المستودعات القريبة من معبر “باب الهوى” وسط إجراءات أمنية مشددة.
وذكر حساب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” الخاص بسورية، في تغريدة على “تويتر” أن القافلة الخامسة للأمم المتحدة عَبْر الخطوط تحمل الإمدادات الإنسانية، وتوجَّهت من حلب إلى إدلب، “تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2585 الذي يدعو إلى تقديم المساعدات الإنسانية عَبْر الخطوط والحدود”.
وبحسب فريق “منسقو استجابة سورية” فإن العدد الكلي للشاحنات التي دخلت المنطقة منذ بَدْء تطبيق القرار الأممي 2585/2021، بلغ 71 شاحنة ضِمن كافة الدفعات.
واعتبر منسقو الاستجابة أن هناك إصراراً دولياً على إرضاء الجانب الروسي للتحكم بالملف الإنساني السوري، بحجة المخاوف من توقُّف المساعدات الإنسانية عَبْر الحدود.
الناشط في المجال الإنساني “عمر السالم” أشار إلى أن “إلغاء دخول المساعدات عبر باب الهوى مع تركيا يعني أن 4 مليون إنسان قد حكم عليهم بالموت البطيء من قبل المجتمع الدولي، بعد السماح لروسيا بالتحكم بالملف الإنساني”.
وأشار في حديث لموقع هيومن نيوز أن “البديل هو إما نقل ملف المساعدات من مجلس الأمن إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أو استبدال المساعدات الغذائية بالقسائم المالية التي اثبتت نجاحاً كبيراً في مناطق شمال غرب سورية، حيث كانت بديلاً ناجعاُ عن السلال الغذائية”.
من جهتها، أعلنت المبعوثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة “ليندا غرينفيلد”، أن دخول المساعدات إلى شمال غربي سوريا سيستمر، حتى لو عرقلت روسيا تمديد تفويض مجلس الأمن للسماح بعبورها.
كما أشارت (غرينفيلد) إلى أن المنظمات الأممية تعمل على خطط بديلة لإيصال المساعدات إلى شمال سوريا، في حال رفض روسيا دخولها عبر مجلس الأمن.
ونقلت وكالة “رويترز” عن (غرينفيلد) قولها: “لن نسمح باستخدام الوضع في أوكرانيا أو الوضع في سوريا، كورقة مساومة مع الروس”.
والشهر الماضي زارت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، “ليندا توماس غرينفيلد”، تركيا ومعبر “باب الهوى” الحدودي للمرة الثانية خلال شهرٍ، وذلك بهدف بحث ملف إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى شمال غربي سورية عَبْر الحدود.
كذلك اجتمعت مع مسؤولين أتراك، لمناقشة دور تركيا في تسهيل المساعدات عَبْر الحدود وحمايتها لملايين اللاجئين السوريين.
الباحث السياسي “فيصل السليم” أشار خلال حديثه لموقع هيومن نيوز أن “روسيا والغرب يلعبون لعبة عض الأصابع من خلال محاولة تحقيق مكتسبات على حساب لقمة الشعب السوري، لذلك فإن تعطيل مطار دمشق الدولي ربما يكون رسالة غربية بأنه في حال قامت روسيا بعرقلة تمديد المساعدات عبر الحدود فإن المساعدات إلى النظام السوري سيتم منعها”.
ولفت إلى أن “الكثير من المنظمات الإنسانية تخشى من تمديد مشاريعها وكذلك قامت بتخفيض دعمها، وخصوصاً التي تتلقى دعماً من الأمم المتحدة، بسبب الخوف من عدم تمديد القرار، لأنها سوف تغلق مكاتبها في تركيا والأردن، وسيقتصر الدعم على بعض المتبرعين، وهو لا يكفي جزء بسيط من حاجة السوريين في الداخل السوري”.
وفي غضون ذلك، أكدت وزيرة الخارجية النرويجية “أنيكين هويتفيلدت”، أن بلادها وبالتعاون مع أيرلندا، تعملان في مجلس الأمن الدولي من أجل تأمين تمديد تفويض إدخال المساعدات الإنسانية الأممية إلى شمال غربي سورية عبر معبر “باب الهوى”.
وأشارت الوزيرة إلى أن مساعدات الأمم المتحدة العابرة للحدود لا تزال منقذة لحياة أكثر من 4 ملايين سوري، ولا تزال تحافظ على أهميتها وحساسيتها.
وأوضحت (هويتفيلدت)، أن ملايين السوريين شمالي البلاد، يحتاجون إلى مساعدات المياه والغذاء والدواء وغيرها من المساعدات الإنسانية، التي يتم إرسالها عبر الأراضي التركية من خلال معبر “باب الهوى” الحدودي.
ونقلت وكالة “الأناضول” عن (هويتفيلدت) قولها، إن زيارتها الأخيرة إلى ولاية “هاتاي” التركية الحدودية مع سورية، كانت تهدف إلى مشاهدة فعاليات توزيع المساعدات الإنسانية عن قرب، كما أشادت بـ”الجهود العظيمة التي تبذلها المؤسسات التركية والأممية والمنظمات الإغاثية” في هذا الخصوص.
من جهتها، أشارت صحيفة “الغارديان” البريطانية، إلى أن إغلاق معبر “باب الهوى” الحدودي سيؤدي لإغراق الناس شمال غرب سورية في “بؤس أعمق”.
وبحسب الصحيفة فإن إغلاق المعبر المحتمل شمال غربي سورية خلال تصويت لمجلس الأمن الدولي، يعد “انعكاساً آخر” لانهيار العلاقات بين الغرب وروسيا.
كما حذرت الصحيفة في تقرير، من “عواقب إنسانية وخيمة” في حال عرقلة تمديد القرار، تشمل تعطيلاً فورياً لعمليات الأمم المتحدة الإغاثية المنقذة للحياة.
وبحسب التقرير، فإن رؤساء جميع وكالات الأمم المتحدة الرئيسية، بما في ذلك رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، “مارتن غريفيث”، وجهوا نداء مشتركاً نادراً، لإبقاء معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا مفتوحاً أمام المساعدات الإنسانية.
هذا وتنتهي آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود في العاشر من تموز/ يوليو القادم، وتؤكد الأمم المتحدة على ضرورة التجديد لهذه الآلية لضمان وصول المساعدات إلى ملايين المحتاجين في منطقة شمال غربي سورية.