الرئيسيةحياة الناسكيف أصبح التسول ظاهرة عامة في الشمال السوري؟  
حياة الناس

كيف أصبح التسول ظاهرة عامة في الشمال السوري؟  

أيهم الشيخ

تنتظر (أم إسماعيل) البالغة من العمر(43عاماً) بشكل يومي أمام أحد المطاعم بمنطقة حي الساعة في مدينة إدلب، تنتظر الداخلين إلى المطعم من أجل طلب المساعدة منهم، وذلك لإعالة زوجها المعاق وعائلتها المكونة من 6 أفراد بعد نزوحهم من منطقة ريف إدلب الجنوبي.

امتهنت (أم إسماعيل) التسول منذ ما يقارب الشهر بعد أن أوصدت أمامها الأبواب في تأمين قوت المعيشة، وعدم وجود معيل لعائلتها وغياب الدعم المقدم من قبل المنظمات الإنسانية، حيث تخرج صباحاً لطلب المساعدة في الشوارع وتعود في المساء لتجلب حاجياتها.

وقالت (أم إسماعيل) لموقع هيومن نيوز: “عندما كنا نعيش في منطقة معرة النعمان كان كثير من الأهالي يقومون بالتصدق علينا ونحصل على زكاة أموال الكثيرين، بالإضافة إلى مساعدة أقرباء زوجي، ولكن مع نزوحنا من المنطقة أصبحنا بلا مدخول لذا اضطررت للتسول للحصول على قوت المعيشة”.

وأضافت في حديثها أنه “بحثت كثيراً عن عمل يغنيني عن التسول، ولكن أغلب المنظمات الإنسانية التي قمت بطرق أبوابها رفضت توظيفي بحجة عدم وجود شواغر للعمل كمستخدمة، بالإضافة إلى عدم تقديمهم الدعم الصحي والمالي لزوجي المعاق الذي لا يستطيع تقديم المعيشة لعائلتي”.
 
وعلى جانب الطرقات وداخل المدن وفي الأسواق العامة وداخل المطاعم والمحال التجارية وعلى أبواب المساجد، لا يكاد يمر يوم دون أن تجد عشرات المتسولين يطلبون المساعدة من المدنيين الذي يمشون في الطرقات، وفي الأماكن العامة خصوصاً في مدينة إدلب التي تأوي عشرات آلاف السكان.

ويغلب على المتسولين وجود الأطفال والنساء بكثرة، خصوصاُ بعد موجة النزوح الكبيرة من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، وحالة الفقر المدقع الذي يعانيه أغلب المدنيين، نتيجة البطالة والحرب الدائرة منذ عدة أعوام دون وجود حل ينهي الصراع.

الطفلة (يسرى) “13 عام” تقف بشكل يومي أما محل لبيع المعجنات صباحاً لطلب المساعدة المالية لعائلتها بعد فقدانها لوالدها أثناء القصف على منطقة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، حيث تلبس ثياباً متسخة ومعطف لا يقيها برد الشتاء وحذاء مهترئ وثياب بالية.

وأفادت الطفلة (يسرى) أنه” أتعرض بشكل يومي لعدة مضايقات ورفض من قبل الناس بحجة عدم حاجتي للمال، في حين يقوم البعض الأخر بمنحي مبلغ بسيط بعد طلبي منهم، حيث أقوم بشراء الخبز بعد العودة للمنزل وتسليم باقي المبلغ لوالدتي من أجل جلب حاجيات المنزل”.

وأوضحت في حديثها لموقع هيومن نيوز : “نسكن في أحد دور الإيواء في مدينة إدلب، حيث نجتمع ثلاث عائلات في شقة واحدة، بعد نزوحنا من المدينة لذلك ترسلني والدتي لطلب المساعدة من الناس أو الحصول على وجبة غذائية في المساء، من أجل إطعام أخوتي الصغار في ظل عدم وجود معيل لنا”.
 
ويلبس أغلب المتسولين ثياب بالية، كما يمشي الأطفال بلا أحذية بثيابهم المتسخة، وذلك بهدف استعطاف الأهالي، فيما يحمل بعض المعاقين من المتسولين ورقة طبية لإظهارها للناس، من أجل تأكيد حاجتهم للمال، وذلك لجلب قوت المعيشة أو الدواء المطلوب.
 
وقد عزف الكثير من الأهالي عن التبرع للمتسولين بحجة أن بعضهم ليس بحاجة للمال، وإنما أصبحت مهنة لكسب الأموال عبر استعطاف الناس، في حين يقوم البعض الآخر بالتبرع لهم خشية أن يكون خلف المتسول عائلة بحاجة للمال.

يقول “عامر الأحمد” (40 عام) وهو صاحب مطعم في مدينة إدلب، “بشكل يومي تأتينا عشرات الحالات من المتسولين، وبعضهم شبان قادرون على العمل، حيث أصبح التسول مهنة عند الكثيرين من الأهالي والذين لا يرغبون في إيجاد عمل يعيل أسرهم”.

وذكر في حديثه لموقع هيومن نيوز: “هناك بعض الحالات التي تعتبر بحاجة إلى الدعم، ولكن كثرة المتسولين أجبر الكثيرين من الناس على العزف عن إعطاء الأموال للفقراء، بحجة عدم حاجتهم، في حين أن بعض الحالات التي نتأكد من حاجتها نقوم بإعطائها وجبات غذائية أو دعم مالي”.

ويشار إلى أن التسول كان يقتصر سابقاً على بعض المتسولين في المساجد يوم الجمعة وبعض الأماكن العامة، ولكنه انتشر بشكل كبير بعد موجات النزوح الأخيرة من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي، نتيجة الحاجة الكبيرة التي تعاني منها العائلات في الشمال السوري، في ظل الفقر المدقع الذي أصبح سمة عامة عند أغلب الناس.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *