” بيتي داغر مجج”، (أم صالح) (94عاماً)، سيدة لبنانية تملك مسيرة حافلة لأكثر من 70 عاماً حافلة بالعمل التطوعي الإنساني، حتى نالت لقب “المرأة المقدسية المتميزة”.
تعيش (أم صالح) في بيت قديم مُتقن، مزيّنا بالصور والتحف التذكارية، تفوح منه رائحة الكعك بالفواكه المجففة.
نشأتها وتاريخ ولادتها
ولدت (أم صالح) عام 1927 في مدينة “صيدا” بلبنان لوالدتها “أنجيل نحاس” ووالدها “يوسف داغر”، ودرست مهنة التمريض التي حلمت بها في الجامعة الأميركية ببيروت.
والتقت (أم صالح) بالمقدسيّ “أمين مجج” الذي كان يدرس طب الأطفال، وأصبح لاحقا أبرز أطباء القدس وسياسييها.
لم توافق عائلة (بيتي) في البداية على ارتباط الشابين الطالبين؛ فاحتجزتها في البيت 4 أيام ومنعتها من الذهاب إلى الجامعة.
وبحسب موقع “الجزيرة نت” فقد تمكنت من إيصال رسالة إلى (أمين) الذي سارع إلى خطبتها.
ووافقت العائلة أخيرا على ارتباطهما بعد إصرارهما الشديد، وأقاما حفلتي الخطوبة والزواج في بيروت، ثم انتقلا إلى القدس عبر شاطئ “حيفا” عام 1947.
كانت (بيتي) تسافر باستمرار إلى بيروت قبل احتلال القدس عن طريق مطار “قلنديا” في رحلة تستغرق ساعة فقط.
وأنجبت أبناءها الأربعة في بيروت، الذين تأخر إنجابهم 10 سنوات تخللتها زيارات إلى الأطباء في بيروت ولندن، ووفاة مولودتها الأولى.
وكان بداية عملها في الجانب الإنساني بعد افتتاح زوجها “أمين مجج” عيادة للأطفال في “مأمن الله” غربي القدس، لكن حرب النكبة اندلعت سريعا عام 1948.
تفرغت المسنة اللبنانية لمعالجة الجرحى شرقي القدس، بعد فصل جزئي المدينة عن بعضهما بعضا، وشحّ الطواقم والتجهيزات الطبية.
وعندئذ بدأت رحلة (بيتي) في العمل الإنساني، فافتتحت وزوجها مشفى في بلدة “العيزرية” شرقي القدس؛ لعلاج الجرحى ونقلهم بسيارة زوجها الشخصية إلى مشفى “الهوسبيس” في البلدة القديمة، الوحيد الفاعل آنذاك.
وبعد 9 أشهر انتقل الزوجان إلى العمل بمشفى “المطلع” (أوغستا فيكتوريا) في “جبل الزيتون”، الذي كان يستقبل اللاجئين الفلسطينيين عام 1949.
عملت (أم صالح) فيه ممرضة ثم مساعدة لمديرته، ثم مديرة له مدة 5 سنوات، وفي الوقت ذاته كانت نائبة للسيدة “زليخة الشهابي” في مؤسسة الاتحاد النسائي العربي بالقدس.
وبعد إنجابها تفرغت الممرضة الشابة لأبنائها، وتقول: “لم نستطع الخروج من البيت أبداً، عشنا على الماء وبعض الشوكولاتة والفواكه التي احتفظنا بها في غرفة المؤن”.
وبعدما كبر أبناؤها وسافروا للدراسة، ترأست “بيتي” مؤسسة “الأميرة بسمة” لذوي الاحتياجات الخاصة في القدس مدة 30 عاماً.
بدأت (أم صالح) من الصفر وأسست عدداً من الأقسام، ودمجت الأطفال فيها بالمدارس العادية، ووفرت لهم منحاً دراسية وفرصاً للعمل في المؤسسة.
كما أسست في ستينيات القرن الماضي جمعية للدفاع عن حقوق الممرضين والممرضات في القدس، واستمرت في العمل الإنساني بالهمة ذاتها، حتى تقاعدت على مشارف الـ90 من عمرها.
وقبل جائحة كورونا كانت (بيتي) تسافر إلى بيروت سنوياً لزيارة عائلتها هناك، واليوم تداوم على الصلاة كل أحد في كنيسة “سانت جورج” القريبة من بيتها.