السجون في سوريا حكايةٌ من البؤسِ والألم يحفظها السوريون عن ظهر قلب…
فقلما تجدُ عائلةً سوريةً لم تمضْ شطراً من حياتها في انتظارِ حبيبٍ غيبته السجون وأُغلقت دونَه الأبواب ولا تحتاجُ لتسألَ عن السبب.
فمهما حرَصتَ لن تجدْ ما يُمكن أن يبررَ اعتقالَ الآلاف لتصبحَ رؤيةُ السجين طليقاً حلماً قلما تحققَ ولا سيما في السنوات الأخيرة.
ولعلك لن تتفاجأ لو سمعتَ أن دمشقَ مهدُ الحضارةِ وعاصمةُ الياسمينِ أصبحتْ على حينِ غرة عاصمةُ المعتقلين.
وربما لن تجدْ صورةً أشدَّ ألماً وبشاعةً لجموعٍ تحتشدُ هائمةً في شوارعِ المدينةِ تلاحقُ حلماً يتفقُ الجميعُ على أنه لن يتحققْ لكنهم يُصرون على مطاردةِ الوهمِ خوفاً من معرفةِ الحقيقة.
الحقيقةُ التي طالما رفعتْ الأمهاتُ فيها أكفَّ الضراعةِ وهنّْ يتمنين الموتَ لفلذاتِ أكبادهن على البقاءِ في سجونٍ أهونُ ما قيلَ عنها أنها مسالخٌ بشريةٌ.
وربما وأنت تطالعُ الحشودَ في شوارعِ حمصَ ودمشقَ ودرعا ترى ألماً يفوقُ مساحةَ الأحزانِ في العيون وتدركُ جيداً أن الجلاد لا يمكن لشيء بالوجود أن يسعدهُ أكثرَ من التلذذِ في عذابِ الضحية ولا تجد عندها إلا أن تقول:
لا خير في وطن لا يُقيم وزناً لدماءِ أبناءه