كلّنا يبحث عن السعادة ولا سيما في بيته، والحقيقة أن السعادة ليس لها وصفة سحرية تناسب كل البيوت، بل إنّ الزوجين هما اللذان يصنعان وصفة السعادة الخاصة بهما إذا ما عرفا المكونات الرئيسة لها.
وربما كان من أبرز هذه المكونات:
١_ التضحية في سبيل الآخر:
فهذا المكوّن لا شك أن له تأثيرا بالغًا في حياة الزوجين، فقد أكّدت دراسة أمريكية أنجزت في جامعة سان فرانسيسكو أنّ التضحية الزوجية هي العامل الرئيس في نجاح العلاقة الزوجية، والحفاظ على الحب بين الطرفين.
فالزوجة التي تضحي براحتها من أجل رعاية زوجها المريض والسهر إلى جانبه تضيف إلى رصيدها نقاطًا من المحبة والعطاء.
وكذلك الزوج الذي يمضي ساعات طويلة في العمل، ويحرم نفسه من الراحة، وقضاء أوقات ممتعة إنّما يعلي بذلك قيمة التضحية والإيثار على قيمة المتعة.
إذن حين يعيش كل منهما على مبدأ التضحية وإيثار الآخر ستنمو بينهما شجرة المحبة، وسيمتلئ البيت دفئا ومودة، ولأن كلا منهما يدرك ما يفعله الآخر لإسعاده ولو كان على حساب سعادته، فالحب بالحب، والعطاء بالعطاء، والبادئ أجمل.
٢_ تقبّل الآخر بكل ما فيه:
وهو أمر ضروري لاستمرار الحياة، فليس ثمة كامل لا يعيبه شيء، بل إن الإنسان جُبِلَ على النقص والعيوب، وهنا يأتي دور الشريك في تقبُّل تلك النواقص في شريكه، والنظر إلى الجزء المملوء من الكأس مع محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه بالحب واللطف واللين.
فتلك الزوجة التي تتقبّل وتتحمّل طبيعة زوجها العصبية، وغضبه السريع، وتحاول أن تمتص هذا الغضب وتحوله إلى هدوء شيئا فشيئا، ستكون هذه الزوجة ناجحة في حياتها الزوجية أكثر من تلك التي تواجه الغضب بالغضب، والصراخ بالصراخ.
والزوج الذي يتقبّل جمال زوجته المتواضع لأنّه يدرك أنّ فيها خصالًا حميدة تجعله يرى فيها أجمل النساء، فيوازن بين جمال المظهر وجمال الروح، هو زوج فقِه معنى الحياة المشتركة.
٣_ الاهتمام بالتفاصيل التي يحبّها الشريك:
فعندما يخرج الرجل من المنزل إلى عمله وترافقه زوجته إلى باب المنزل، وتدعو له، وتربّت على كتفه، فإنه سيشعر بالاهتمام والمحبة، وكذلك حين يعود متعبًا وتسمع الباب يفتح، تهرع إليه لاستقبال زوجها بابتسامة يملؤها الحب والشوق، سيشعر حينها بأن تعبه قد أثمر، وبالتالي فإنه سيبادلها تلك الابتسامة، وستغدو الحياة أكثر راحة وتفاهمًا.
وحين يبادر الزوج إلى إهداء زوجته هدية وإن كانت يسيرة من غير مناسبة، فإنها ستثمّن هذا الموقف، وتدرك محبته لها.
وحين يمدحها أمام أهله أو أهلها والآخرين وهي تسمع فإنها ستشعر بثقة بالنفس، وسيتمكن حبه في قلبها، وتحاول أن تسعده بكل ما تستطيع، لأن المديح في الوجه له تأثيره السحري الذي يفعل فعله في القلوب.
فهذان الزوجان السعيدان عندهما حلّ لكل معضلة، والحب خطتهما في كل مشكلة، الدهر يتحداهما بمصائبه فيقفان إلى جانب بعضهما مضحّيَين، متقبّلَين، مهتمَّين، كي يخرجا منتصرَين، وهذه القيم ستنتقل بلا شك إلى الأبناء، فيغدو البيت جنةً يجد فيها كلّ فردٍ سعادته، وينطلق منها ليحقّق نجاحه.