نبيلة السعيد
ككل البلاد العربية التى تنتظر رمضان مرة كل عام وهي تبتهج وتعد الطقوس الخاصة بأيامه ولياليه، ثم تودعه وتبحث فيه عن فرحة تزرعها فى قسمات وجوه الأطفال والناس، هكذا تمض أغلب الدول العربية والإسلامية أيامها بهكذا مناسبات دينية خالصة، غير أن الفرق يسكن تلك البقع الجغرافية من الوطن العربي الكبير التي يسكنها الوجع، فإما صراع أو حرب أو غياب استقرار، وتبرز اليمن في ثلاثية الحرب والصراع والافتقار إلي الاستقرار و التى تتواجد فى قلب الجزيرة العربية على ثكنة مضيق باب المندب وتمسك البحر الأحمر بيد وبحر العرب بالأخرى وتتجه فى علاقات تجارية قديمة بين أغلب الأمصار والدول، وبين جنباتها الخام الذي لم تطالها يد الإعمار والتنمية فظل حبيس جغرافيتها المصادر فيها قرارها السيادي فى النهضة.
الصورة كما هي
تعيش اليمن مذ ٢٠١٤م بانقلاب الميليشيات و ٢٠١٥م بما يسمي نجدة التحالف العربي لتكمل سنواتها العجاف حتى اليوم، وهي تقاوم الموت جوعًا أو وباءا أو تحت طائرات القصف من أي طرف، ولربما مازالت كما يقال عنها تقاوم بأبنائها المهجرين فى الشتات، يبحثون عن طريقة لرأب الصدع ومحاولة عمل شيء من أجل إشاعة التفاؤل أو بالمقاومة الحقيقية داخل العزل والمديريات والمدن، وأكثرها تلك المحاصرة لبعث الحياة فى نفوس الناس وفتح خيارات الحلول لتجاوز التحديات المتمثلة ب ٨٥٪ فقر وأكثر من ٧٦٪ نزوح من مدينة لأخرى بكل تبعاته، هذا فضلًا عن أعداد المتسربين من التعليم والذي وصل لأكثر من ٢ مليون ونصف طفل فى سن الدراسة أو لم يكمل وانطلق يصافح الطرقات بحثًا عن الحياة، فى وسط أيضًا يعج بانهيار الخدمات الصحية والرعاية الطبية بشكلها الطبيعي فى الأوضاع الاعتيادية فضلًا عن زمن الحرب التى يدفع الإنسان والأرض فاتورتها الباهضة.
المسكوت عنه
عودة لرمضان والعيد وزمن الحرب الذي لم يعرف له حتى الآن سقفًا زمنيًا للنهاية حتى يستطيع هذا الشعب الذي يملأ مقدرات الحياة أن ينهض مجددًا ويعيد جدولة انتظام الخطى وردم الهوة بين الزمن المشرع بالمضى تاركًا خلفه شعبًا بمختلف شرائحه ينتظر العيش الكريم والحياة الكريمة، إن حالة من النسيان والاهمال والنظر باغفال تمر بها اليمن لم يحدث أن كان من قبل بل أصبح يشار إلي أن اليمن يعيش حاليًا أسوأ أوضاع انسانية تهدد الإنسان أولا، ويمكن القول أيضا أن هناك غض طرف من المحيط العربي لليمن وكأن هذا البلد الذي فتح ذراعيه للجميع أصبح عبئا على المنطقة برمتها، يكفى أن تشاهد صور الأطفال وهم صرعى من الجوع وأعداد الأرامل وأكواخ الحطب وتشظى الحياة لتعرف أن هناك فعليًا تأجيل لكل ما يتعلق بالحياة السوية، حتى كل تلك المشاورات واللقاءات والأعداد المتعاقبة من الممثلين للمجتمع الدولي وأعمال المنظمات الدولية لم تكن أكثر من أثر بعد عين.