أيهم الشيخ
تتعرض المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد وقوات “قسد” والمعارضة السورية، لانتشار وباء “الكوليرا” بين السكان، وسط تردي الوضع الصحي في هذه المناطق.
وحذرت وزارة الصحة في “الحكومة السورية المؤقتة”، من خطر تفشي وباء “الكوليرا” في مناطق الشمال السوري.
الوزارة أصدرت بياناً جاء فيه، إنها رصدت العديد من حالات الإسهال الحاد الشديدة في المنطقة، وبعد إجراء الفحص المخبري تم إثبات “الكوليرا” كعامل مسبب لأولى الحالات، فيما لا تزال الحالات المشتبهة الأخرى بحاجة للتحقق.
ولفت البيان إلى العديد من العوامل المسؤولة عن انتشار المرض، من بينها تلوث موارد مياه الشرب بمصادر الصرف الصحي، تناول الطعام المكشوف أو المعد تحت ظروف غير صحية، طرح الفضلات في الأماكن المكشوفة القريبة من السكان، وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية.
وأشار البيان إلى أن “الكوليرا” مرض إنتاني حاد يهدد الصحة، ومن أعراضه: الإسهال المائي الشديد والتقيؤ المعدي ونقص السوائل، وقد يؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات في بعض الحالات الشديدة.
ووجهت الوزارة عدة نصائح طبية إلى لأهالي لتجنب انتقال المرض للعائلات القاطنة شمال غرب سوريا، وخصوصاً المخيمات ومنها:
1- عدم التهاون بحالات الإسهال، وطلب المعالجة والإبلاغ في أقرب مشفى أو مركز صحي.
2- استعمال مياه الشرب النظيفة ذات المصادر الموثوقة، وغلي المياه المشتبهة قبل الاستعمال.
3- الاهتمام بالنظافة الشخصية، وعلى وجه الخصوص غسل اليدين بعد استخدام التواليت وقبل تحضير وتناوُل الطعام.
4- تجنُّب تناول الأطعمة المعرضة لخطر التلوث، وغسل الخضار والفواكه بشكل جيد قبل تناوُلها، والطهي الجيد للطعام.
5- قضاء الحاجة في الأماكن المخصصة، والانتباه لعدم طرح الفضلات في الأماكن القريبة من السكان.
كما حذر فريق “منسقو استجابة سوريا”، من وصول مرض “الكوليرا” إلى مخيمات النازحين في محافظة إدلب، والتي تضم أكثر من مليون مدني وتفتقد لأدنى مقومات السلامة.
ودعا الفريقُ في بيان، السكانَ في منطقة شمال غربي سوريا، وتحديداً في المخيمات إلى توخي الحذر الشديد فيما يتعلق بمرض “الكوليرا”، وخاصةً بعد تسجيل عشرات الإصابات والعديد من الوفيات في مناطق مختلفة من سورية.
وأكد الفريق أن “تفشي المرض سيكون كاسحاً لدى آلاف الأشخاص في حال انتشاره، وخاصةً القاطنين في المخيمات، الذين تتعرض حالتهم الصحية للخطر أصلاً بسبب نقص الغذاء والمياه النظيفة الذي يعاني منه مئات المخيمات، إضافة إلى مخاطر الصرف الصحي المكشوف والذي يُعتبر عاملاً لتفشي الأمراض”.
وشدد على أهمية تضافر الجهود مع المطالبة بتحرُّك المجتمع الدولي والأممي، سيما المنظمات الصحية المعنية، للقيام بدورها المطلوب، وتوفير الإمكانات اللازمة لمنع انتشار المرض بشكل فوري.
كما حث البيان سكان المخيمات على اعتماد الإرشادات الصحية والإجراءات الوقائية اللازمة، لمنع انتشار المرض داخل المخيمات تحديداً، وخاصةً في ظل ما تعانيه هذه البيئة الفقيرة التي ترزح تحت أعباء معيشية وصحية قاسية.
وفي سياق متصل، توفي ثلاثة أشخاص جراء إصابتهم بمرض “الكوليرا”، ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية التابعة لتنظيم “قسد” شمال وشرق سوريا.
من جهتها، حذرت هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية، من “انتشار كثيف” للإصابات في محافظة الرقة والريف الغربي لدير الزور.
وقال نقيب الأطباء الأحرار شمال سوريا د. “وليد التامر”: “إن مرض الكوليرا من الأمراض المتوطنة في العراق وإيران ولكن ليس له وجود في سوريا، وسبب المرض هي جرثومة ضماد الكوليرا، وهي عبارة عن عصيات سلبية تُصيب الجهاز الهمضي للإنسان تنتقل من شخص إلى أخر عن طريق المياه الملوثة في العصية، وعن طريق الخضار والأطعمة الملوثة، مثل الخضار التي تُسقى بمياه المجارير أو المياه المالحة، وعندما تختلط مياه المجارير مع المياه الصالحة تُنتقل بشكل حقيقي الجرثومة”.
وأضاف في حديث لموقع “هيومن نيوز” أن “الجرثومة من المحتمل أن تبقى في جسم الانسان 10 ساعات ولن يشعر بأعراضها، وينتشر المرض بهذا الشكل عن طريق استخدام المراحيض العامة مثل المخيمات والمساجد والمدارس”.
ولفت (التامر) في حديثه: “ينتشر المرض دون أن ينتبه المصاب بهذا المرض طبعاً، وأعراض المرض تكون صارخة وشديدة جداً، من المحتمل خلال 18 ساعة أن تقضي على المريض”.
وأكد أن “أول إصابة سجلت في هذا المرض بريف حلب نتيجة تلوث المياه حالياً، و السبب الرئيسي هو نقص تدفق نهر الفرات، ومن المحتمل أن تكون الميليشيات الايرانية هي السبب في وصول هذا المرض لمدينة حلب”.
ويكون العلاج الأساسي لهذه الجرثومة بإعطاء المريض السوائل التي تحوي كمية كبيرة من الأملاح المذابة، واحتمال كبير أن يعَالج المريض في المنزل، والعلاج يكون على شكل تحضير محلول يتضمن معلقة ملح مع ستة معالق من السكر في 20 لتر مياه، ويأخذ من هذا المشروب المريض، وذلك بحسب (التامر).
كما أكد في حديثه: “من الضرورة التبليغ عن الحالة، لأن احتمال أن تتطور وتصبح خطيرة جداً ومن الحالات الشديدة، ليتم إعطاء المريض 6 لتر سيروم ملحي عن طريق الوريد، والنقطة المهمة أن 20% من الحالات ممكن تتطور بشكل صارخ وبشكل خطير هي الأطفال وكبار السن، وهم المعرضون للخطر بشكل شديد، ومن المفروض أن ننتبه عليهم بشكل جيد من هذا المرض”.
ونوه أن “المرض بدء ينتشر شمال غرب سوريا، واستعدادتنا لهذا المرض هو توعية الناس حول النظافة الشخصية وغسل اليدين بالماء والصابون، وتجنب ري الخضروات بالمياه المالحة، وغسيل الخضروات بالماء وتجنب المراحيض العامة أو المرافق العامة، والاعتناء بالنظافة الشخصية، وأهم نقطة هي الاعتناء بمياه الشرب، إما من خلال أستخدام الكلور لمياه الشرب، أو وضع لكل 20 لتر عصير ليمون”.
في السياق، طالبت وزارة التربية في حكومة نظام الأسد، مديرياتها داخل المحافظات بالتأكيد على تنفيذ الإجراءات المتعلقة بخطتها، في مجال مكافحة الأمراض السارية ومنع انتشارها.
وشددت الوزارة على مراقبة الندوات المدرسية والمقاصف في المدارس، ومدى توافر الشروط الصحية فيها من حيث نظافة مكان تقديم الطعام، ومراقبة التزام النظافة الشخصية لمقدمي الطعام في الندوات، وتأكد خلوهم من الأمراض المعدية.
وطلبت الوزارة، استبدال خزانات المياه غير الصالحة للاستخدام في المدارس والتنظيف الدوري لها وتعقيمها، ونظافة دورات المياه وتوفير المياه الآمنة والصابون، ومنع الباعة الجوالين الاقتراب من المدارس.
بدورها، حذرت الأمم المتحدة، من أن تفشي وباء “الكوليرا” بمناطق عدة في سوريا، يمثل “تهديداً خطيراً للناس في سوريا والمنطقة”.
وطالبت بتنفيذ استجابة عاجلة لاحتواء انتشاره، مع تسجيل ثماني وفيات والاشتباه بأكثر من 936 إصابة بالمرض.
من جانبه، أشار المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا “عمران رضا”، في بيان، من المعتقد أن تفشي المرض مرتبط بري المحاصيل باستخدام المياه الملوثة، وشرب مياه غير آمنة من نهر الفرات.
فيما نقلت وكالة “رويترز” عن مدير الطوارئ الإقليمي في منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، “ريتشارد برينان”، قوله، إن الوكالة سجلت ثماني وفيات بسبب “الكوليرا” منذ مطلع الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، بينها ست حالات في حلب واثنتان في دير الزور.
وأضاف (برينان) أن انتشار المرض يتركز شمال حلب، حيث تم تسجيل أكثر من 70% من إجمالي 936 حالة مشتبه بها، بالإضافة لدير الزور، حيث تم تسجيل أكثر من 20%، مع تسجيل عدد أقل من الحالات المشتبه بها في الرقة والحسكة وحماة واللاذقية، وفق “رويترز”.
(برينان) أشار في حديثه أن “الانتشار الجغرافي يثير القلق، لذا يتعين علينا التحرك بسرعة”، مؤكداً الحاجة إلى “زيادة قدرات المراقبة والاختبار”.